عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح الورقات
34251 مشاهدة
شروط المفتي

..........................................


شروط المفتي: الذي يفتي في مسألة إذا سئل عنها يشترط بعضهم شروطا ثقيلة، يشترطون أن يكون عالما بالقرآن، عالما بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومكيه ومدنيه، وعامه وخاصه، ومنطوقه وملفوظه إلى آخر ذلك.
وكذلك يقولون في السنة، وهذا شرط الفقيه، والصحيح أنه يشترط للمفتي الذي يفتي في الفتاوى العامة أن يكون عالما بالفقه؛ أصوله وفروعه، عالما بالفقه وعالما بأصول الفقه، وأن يكون عالما بالخلافات، ولو في مذهب خاص، إذا كان مثلا من أهل المذهب الحنبلي؛ فيعرف الروايات التي اختلفت عن الإمام أحمد يعرف كم في المسألة من قول، فيختار منها ما يترجح له.
يشترط: أن يكون كامل الآلة في الاجتهاد، يعني: سمعه وبصره وعقله وذكاؤه وفهمه وقدرته، وتمكنه من معرفة الكتب ومعرفة دلالاتها.
يشترط: أن يكون عالمًا بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام؛ لأن هناك من يأخذ الأحكام من الأدلة وتكون الأدلة مجملة فيستنبط منها؛ فيقول: في هذه الآية دليل على كذا ودليل على كذا، وفائدة كذا وكذا، تجده مثلا إذا شرح الحديث يقول: فيه دليل على كذا، وفيه دليل على كذا، وفيه دليل على كذا.
هذا هو الاستنباط، وإنما يستنبط ذلك أهل الذكاء وأهل الفهم، يشترط أن يكون قادرا، عالما بالوسائل، الوسائل العلمية: النحو واللغة؛ وذلك لأن بفهمهما يتمكن من فهم الأحاديث ومن فهم الآيات.
يشترط إذا كان يحتاج إلى الأسانيد أن يكون عارفا برجال الأحاديث، برجال الأحاديث الذين قولهم لا يقبل، يشترط أن يكون عالما بتفاسير الآيات؛ بالأخص الآية التي يريد أن يستدل بها، عنده قدرة على معرفة مدلولها.
الآيات الواردة في الأحكام والأخبار والأحاديث الواردة في الأحكام؛ فإذا كان عالما بذلك كله، فإنه يكون قد بلغ رتبة الفتيا، فيتصدر للفتيا، ثم نعرف أن هذا لا يلزم في كل مسألة، فلو أن إنسانا بحث مسألة وتعمق فيها، وعرف الاجتهادات التي فيها جاز له أن يفتي فيها، ولو لم يعرف بقية المسائل؛ فأنت مثلا لو بحثت مسألة الجهر بالتسمية، وقرأتها في كتب الحديث وفي كتب الفقه، في كتب الحنابلة وفي كتب الشافعية، وخرجت منها بقول فإنك تفتي بذلك القول، ولو أنك ما بحثت في بقية المسائل.